الأحد، فبراير 21، 2010

الشهيد القائد ابو العباس وسجل الاغتيالات الصهيونية

الكاتب: عباس الجمعة

يوم التاسع من اذار عام 2004 اعلنت وسائل الاعلام استشهاد القائد الوطني والقومي محمد عباس " ابو العباس " الامين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ، لحظات كانت قسوتها على القلب والفكر أكبر بكثير من قسوة شمس حيث الدموع التي انهمرت من عيون كل المحبين لهذا القائد في كل مكان .في عيون كل واحد من الحضور كنت تقرأ حجم الخسارة الفلسطينية، فلا يوجد احد يصدق النبأ، ولكن الجريمة الامريكية الصهيونية ضد قائد عملاق بحجم الرفيق القائد الاسير ابو العباس ، لها مدلولات ، قائد ارتقى شهيداً لأنه قالها لم اخش الموت فكيف اخشى الاعتقال، والحالة التي اعيشها هي جزء بسيط من حالة شعبي في فلسطين، وأرى ان ما يعانيه مناضلونا وقيادتنا الوطنية في فلسطين أشد مما انا فيه الآن، وكل ما اتعرض له الآن لا يساوي يوما من الحصار الذي يتعرض له الاخ القائد الرئيس ابو عمار ولا يساوي دم طفل فلسطيني شهيد، نحن نتوقع كل شيء ونعد حساباتنا لكل طارئ وهذا لن يعيق نضالاتنا او يؤثر في قرارنا السياسي.واليوم تعود جريمة الاغتيال الى وجهة الاعلام عن كيفية اغتيال الشهيد القائد ابو العباس من قبل جهاز الموساد الصهيوني الذي حقق معه في سجن ابو غريب وسجنه الاخير في سجن بوكا الواقع تحت الادارة البريطانية في البصرة جنوب العراق في زنزانة انفرادية ، حيث اكدت مصادر عراقية ولجان حقوق الانسان ان ادارة السجن البريطاني في البصرة رفعت عن ابو العباس الدواء الذي كان يتعاطاه منذ دخوله السجن الانفرادي ، واشرف جهاز الموساد الاسرائيلي على التحقيق ، وقالت المصادر ان هناك مادة سامة وضعت لابو العباس من اجل التخلص منه ، بعد المطالبة الواسعة باطلاق سراحه، بعد ست سنوات من ذلك اليوم لا زالت في مخيلتي تلك اللحظات التي اعلن فيها النبأ، واتذكر مقابلة صحفية اجريت معه قبل الاعتقال بشهر تقريبا ، حيث قال الشهيد ابو العباس في احد مقابلاته ان رئيس حكومة العدو الارهابي شارون ارسل قبل شهرين ملف الجبهة وملفه الشخصي الى الرئيس الامريكي بوش ليطلعه على برامج الجبهة الخاصة بالنضال داخل فلسطين ادعى فيه اننا نخطط لتنفيذ العمليات العسكرية، وألقي القبض على بعض كوادر الجبهة الذين تلقوا تدريبات خاصة، وأرفق قائمة بالعمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة ولم تعلن عنها. واضاف الشهيد ابو العباس يومها ان المسألة اكبر من هذا، فالارهابي شارون يحاول من خلال استهداف حياتي امنيا، كما ابلغت به دون توضيحات، تحقيق مكاسب انتخابية سريعة، وهو يبحث عن هدف فلسطيني ليوقف الانهيار الدراماتيكي في شعبيته. فتلك الدولة الصهيونية لم يرد في حساباتها الاستراتيجية منذ اقامتها امكانية السلام والتعايش، بل وضعت على قمة اجندتها"الحرب اولا ودائما"، فهي تعتبر نفسها في حروب مفتوحة مع الفلسطينيين والعرب وغيرهم ممن يهددونها، ومرتكزاتها في التصدي للتهديدات حربية الغائية مجازرية اغتيالية وخاصة على الصعيد الفلسطيني. ولهم في الاغتيالات كما هو معروف سجل حافل،فان كانوا قد وصلوا الى الشهيد القائد ابو العباس قبل ست سنوات وفي معتقلات قوات الاحتلال الامريكي للعراق ، فقد كانوا اغتالوا عددا كبيرا من القيادات الفلسطينية والعربية في المقاومة وفي مقدمتهم الرئيس ياسر عرفات وابو جهاد الوزير وزهير محسن وابو علي مصطفى وفتحي الشقاقي والشيخ الجليل احمد ياسين ورفيق دربه عبد العزيز الرنتيسي والقائد الكبير عماد مغنية وسيد الشهداء عباس الموسوي وجهاد جبريل ، وكان اخرهم الشهيد القائد محمود المبحوح والقافلة كبيرة .لقد بات من الواضح ان من أهم تداعيات سياسة الاغتيالات الاسرائيلية ضد قيادات ورموز الشعب الفلسطيني والانتفاضة والتي تتوجها دولة الاحتلال باغتيال نخبة من خيرة القيادات الفلسطينية السياسية والفكرية والميدانية، تؤكد على عناوين الحرب العدوانية الإسرائيلية المحمومة المفتوحة التي اكدها جنرالات العدو ضد الشعب الفلسطيني وقيادته ومناضليه.لذلك نعتقد ان على الفصائل والقوى الفلسطينية المختلفة ان تستيقظ وتتدارك الاخطار والتهديدات الصهيونية الماثلة باستمرار، وان تعمل على اتمام المصالحة الفلسطينية من خلال العودة الفورية الى الحوار الوطني وتعزيز الوحدة الوطنية ورسم استراتيجية وطنية والتمسك بخيار المقاومة بكافة اشكاله باعتباره جامعا لكافة الفصائل والقوى .لقد عرف الشهيد القائد فارس فلسطين الامين العام أبو العباس بتخطيطه عمليات عسكرية مميزة وناجحة داخل الأراضي المحتلة مثل عملية الخالصة 1974، وعملية نهاريا عام 1979 والطائرات الشراعية التي استهدفت مصفاة النفط الإسرائيلية في حيفا عام 1981، وهى العملية التي أحدثت صدمة كبرى لدى القيادة الإسرائيلية في حينه ، إذ استطاعت الطائرات الشراعية اختراق الحواجز الأمنية والتسلل جواً إلى العمق الإسرائيلي، وعملية سفينة اكيلي لاورو، وعملية القدس البحرية ، وعملية القدس الاستشهادية عام 2002، والعديد من العمليات في انتفاضة الاقصى ، تاركا خلفه سجلا نضاليا مشرفا من اجل الوطن فلسطين فعاش في منافي الغربة متنقلا بين محطات النضال المجيدة فعاش غمار خنادق الأغوار و جبال الجولان الباسلة ولبنان و شق طريق الثورة بين أزقة مخيمات اللجوء و لم يكمل الفارس مشوار الأمل و الحرية والاستقلال ، فتكالبت عليه المؤامرات و تحالفت ضده قوى الشر الإمبريالية و الصهيونية إلا انه ظل يوصى بالدفاع و الزود عن الحمى و أوصى بالوفاء للعهد و القسم فكان ذلك الفارس فارس الرصاص و معلم القلم كان أبو العباس قائدا تهابه الأقزام و يعانق القمم. يوم التشيع كان شاهداً على عظمة القائد الراحل، عشرات آلاف المشعين أحاطوا بجثمان الشهيد لدى وصوله الى مطار دمشق ونزوله الى مخيم اليرموك لإلقاء نظرة الوداع على جثمان الشهيد، شيوخاً ونساءً وشبان مروا أمام الجثمان مودعين ومؤكدين على استكمال الرسالة النضالية التي أفنى القائد حياته من أجلها، ومن أجلها عاد لفلسطين، ومن أجلها ارتقى شهيداً في معتقلات الاحتلال الامريكي.عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق